فضائل رمضان
حسين آل الشيخ
الخطبة الأولى:
أما بعد:
فيا أيها المسلمون، اتقوا الله - جل وعلا -، فتقواه مجتمع الخيرات، وسبب نيل البركات، ووسيلة لتفريج الهموم والكربات.
أيها المسلمون، نزل بساحتكم شهر كريم وموسم عظيم، يحمل خيراتٍ عظيمةً، وبركات كثيرة، فيه مضاعفة للحسنات، وتكفير عن السيئات، وإقالة للعثرات، مخصوصٌ بأسمى الصفات وأزكى الدرجات.
إخوة الإسلام، بلوغ هذا الشهر نعمة عظمى، وإدراكه منة كبرى، تستوجب الشكر، وتقتضي اغتنام الفرصة الكبرى، بما يكون سبباً للفوز بدار القرار، والنجاة من النار، يقول الله - جل وعلا -: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183]، ويقول: (الصيام والقرآن يشفعان للعبد، يقول الصيام: أي ربّ، منعته الطعام والشراب فشفعني فيه، ويقول القرآن: أي رب، منعته النوم فشفعني فيه، فيشفعان) حديث صحيح[1].
معاشر المؤمنين، رمضان شهر العفو والرحمة والغفران، يقول: (إذا جاء شهر رمضان، فُتّحت أبواب السماء وفي رواية: - أبواب الجنة، وفي رواية: أبواب الرحمة، وغلّقت أبواب جهنم، وسلسلت الشياطين) أخرجه الشيخان[2].
ويقول كما جاء في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: (من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) متفق عليه[3].
ألا فليكن رمضان فرصةً لنا للنظر في الأحوال، والتفكر في الواقع، لنصلح ما فسد، ونعالج ما اختلّ.
لِيكن هذا الشهر انطلاقةَ خير نحو مستقبل مشرق، ونقطةَ تحوّل إلى أحسن الأحوال، وأقوم الأقوال والأفعال.
أمة الإسلام، في تقلّب الأيام معتبر، وفي انصرام الأوقات مزدجر، وفي قراءة صفحات التأريخ أعظم مدّكر، يمرّ بنا رمضان فتعود بنا الذكريات الخالدة إلى تذكر النصر في معركة بدر، وفتح مكّة، نصرٌ وظفر، فوز وعزّ وتمكين، وكم يذكرنا رمضان بانتصارات للمسلمين، وبطولات للمؤمنين، وما معركة اليرموك عنا بغائبة، ولا القادسية بمنسية، ألا فلتعلم الأمة أن أولئك الأخيار ما حققوا العزة والنصر، ولا نالوا السعادة والتمكين، إلا بسبب تمسكهم بالإسلام، حكماً وتحاكماً، منهجاً وسلوكاً، توحيدٌ خالصٌ لرب العالمين، وعزةٌ وشموخٌ بهذا الدين.
ألا فلتعلم الأمة اليوم، وهي تعيش مصائب شتى، ونكبات لا تحصى، ذلةٌ وهوان، وضعفٌ وخذلان، لتعلم علماً يقينياً أنه لا نجاة لها مما هي فيه إلا برجعة صادقة إلى الله - جل وعلا -، وبالتزام حقيقي بمنهج رسوله، فذلكم هو قاعدة الإصلاح، وأصل العزة والفلاح، وأساس النصر والنجاح، ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.
إخوة الإيمان، شهر رمضان شهر الجود والكرم، والسماح والندى، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: كان النبي أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان جبريل - عليه السلام - يلقاه كل ليلة في رمضان حتى ينسلخ، يعرض عليه النبي القرآن، فإذا لقيه جبريل - عليه السلام - كان أجود بالخير من الريح المرسلة متفق عليه[4].
والجود عباد الله أنواع متعددة، وأشكال مختلفة، وكل أحد يجود بما استطاع، ومن جاد على عباد الله جاد الله عليه بالفضل والعطاء.
ألا وإن من أبرز خصال الكرم، وأنبل أنواع الجود، الإحسان إلى العباد وإيصال النفع إليهم بكل طريق، من إطعام جائع، وقضاء حاجة، وإعانة محتاج، قال: ((من فطّر صائماً كان له مثل أجره، من غير أن ينقص من أجر الصائم شيئاً)) رواه الترمذي وابن ماجه[5].
اشتهى بعض الصالحين طعاماً وكان صائماً، فوضع بين يديه عند فطوره، فسمع سائلاً يقول: من يقرض المليّ الوفي الغني؟ فقال: عبده المعدم من الحسنات، فقام فأخذ الصحفة فخرج بها إليه، وبات طاوياً، يقول - جل وعلا -: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: 9].
أيها المؤمنون، هناك في عالم المسلمين فقراء لا مورد لهم، ومشردون لا أوطان لهم، يعيش كثيرون أياماً قاسية، ويذوق آخرون مرارات متنوعة، قتل وتشريد، تدمير وإفساد، ولا حول ولا قوة إلا بالله - جل وعلا -.
فيا أمة محمد نبي الرحمة والإحسان، والعطف والجود والحنان، - عليه أفضل الصلاة والسلام -، اللهَ اللهَ في إخوانكم، تذكروا أحوالهم، وابذلوا ما تستطيعون في مساعدتهم، من مال وغذاء، وكساء ودواء، قال - جل وعلا -: {وَمَا أَنفَقْتُمْ مّن شيء فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [سبأ: 39].
تذكروا وأنتم في رمضان، إخوانكم المستضعفين في كل مكان، خُصّوهم بصالح الدعاء، وخالص التضرع إلى المولى - جل وعلا -، قال: ((ثلاثة لا ترد دعوتهم)) وذكر منهم: ((الصائم حين يفطر)) [6] حسنه ابن حجر.
إخوة العقيدة، إن بلاد الحرمين بحمد الله تعيش نعماً عظمى، في ظل تحكيم شريعة الإسلام ومبادئه الخالدة، وإن مما تعايشه وتعيشه في قاعدة التآلف بين أبنائها ومبادئ المحبة والمودة التي يسعى الحاكم والمحكوم إلى تحقيقها، إن من ذلك ما ينتشر في أرجائها، ويكثر في بلداننا من جمعيات خيرية ومؤسسات خيّرة، وهي بحاجة إلى دعمكم ومساعدتكم، وفي تطلع إلى بذل المزيد من عونكم وإمدادكم، خاصة في هذا الشهر، شهر الجود والعطاء، يقول: ((ما نقصت صدقة من مال)) رواه مسلم[7]، ويقول: ((اتقوا النار ولو بشق تمرة)) متفق عليه[8].
معاشر المسلمين، ليكن صومكم جُنّة تتدرّعون به من جميع المعاصي والآثام، في جميع الأوقات والأزمان، يقول: ((الصيام جُنّة، وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو شاتمه فليقل: إني امرؤ صائم)) متفق عليه[9].
فمقاصد الصوم ضبط النفس وتهذيبها، وصوم الجوارح وحفظها، قال: ((من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه)) رواه البخاري[10].
أيها المسلمون، بتلاوة القرآن يزداد المسلم جمالاً وبهاءً، ظاهراً وباطناً، قلباً وقالباً، وبه يزداد قدراً وشرفاً، في الدنيا والآخرة. فتلاوته هي التجارة الرابحة التي لا تبور، في جميع الدهور، وعلى مدى الأيام والشهور، وفي هذا الشهر يعظم فضلها، ويرتفع شأنها، قال الزهري - رحمه الله - معبّراً عن شأن السلف: "إذا دخل رمضان فإنما هو قراءة القرآن وإطعام الطعام"[11]، وكان بعض السلف - رضي الله عنهم - يختم القرآن في قيام رمضان في ثلاث ليال، وبعضهم في كل سبع.
وإن من أعظم مقاصد التلاوة التدبر والتعقل والتفهم، للمعاني والأسرار والأحكام، {كِتَـابٌ أَنزَلْنَـاهُ إِلَيْكَ مُبَـارَكٌ لّيَدَّبَّرُواْ ءايَـاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُو الألْبَـابِ} [ص: 29].
إخوة الإسلام، ولباب تلك المقاصد وأساسها العمل بأوامر القرآن، والامتثال لجميع ما فيه من التوجيهات الكريمة والمواعظ الشافية، فلا عِزّ ولا تمكين، ولا تقوية لأزر، ولا رسوخ لقدم، ولا أنس لنفس، ولا أمن من عقاب، إلا بالاتجاه الكامل إلى كتاب ربنا، وسنة نبينا محمد، {إِنَّ هَـذَا الْقُرْءانَ يِهْدِى لِلَّتِي هِي أَقْوَمُ} [الإسراء: 9].
بارك الله لي ولكم في القرآن، ونفعنا بما فيه من الآيات والبيان، أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، الداعي إلى رضوانه، اللهم صلّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه.
أما بعد:
فيا أيها المسلمون، اتقوا الله - جل وعلا -، فبالتقوى يصلح العمل، ويُغفر الزلل.
إخوة الإسلام، شهر رمضان موسم عظيم لنيل الخيرات، وفرصة لاستغلال المغانم والبركات.
من خيراته المتعددة أنه شهر تضرع وقيام، ووقت تقرب للملك العلام، في الصحيحين عن النبي: ((من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)) [11].
فحافظوا رحمكم الله على صلاة التراويح في جماعات المسلمين، تأسياً بنبي الأمة سيد الأنبياء والمرسلين عليه أفضل الصلاة والتسليم، ومن قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة، كما جاء في الحديث الصحيح[12].
ثم اعلموا أن من أفضل الأعمال وأزكاها الصلاة والسلام على النبي الكريم، اللهم صل وسلم وبارك وأنعم على عبدك ورسولك نبينا محمد...
----------------------------------------
[1] أخرجه أحمد [6626]، والبيهقي في الشعب [1994] من حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما -، وصححه الحاكم على شرط مسلم (1/554)، ووافقه الذهبي، وقال المنذري في الترغيب: "رواه أحمد والطبراني في الكبير، ورجاله محتج بهم في الصحيح، ورواه ابن أبي الدنيا في كتاب الجوع وغيره بإسناد حسن"، وحسنه الألباني في تمام المنة (ص394).
[2] أخرجه البخاري في الصوم [1899]، وفي بدء الخلق [3277]، ومسلم في الصيام [1079] من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
[3] أخرجه البخاري في الصوم [1901] واللفظ له، ومسلم في صلاة المسافرين [760].
[4] رواه البخاري في الصوم، باب: أجود ما كان النبي (1902) واللفظ له، ومسلم في الفضائل، باب: كان النبي أجود الناس (2308)، من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -.
[5] رواه أحمد (16585)، والترمذي في الصوم، باب: ما جاء في فضل من فطر صائماً (807)، وابن ماجه في الصيام، باب: في ثواب من فطر صائماً (1746)، من حديث زيد بن خالد الجهني، وقال الترمذي: "حسن صحيح"، وصححه ابن خزيمة (2064)، وابن حبان (3429)، وأورده الألباني في صحيح الترغيب (1078).
[6] رواه الإمام أحمد (7983)، والترمذي في الدعوات، باب: في العفو والعافية (3598)، وابن ماجه في الصيام، باب: في الصائم لا ترد دعوته (1752)، من حديث أبي هريرة، قال الترمذي: "حديث حسن"، وصححه ابن خزيمة (1901)، وابن حبان (2407)، وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة [1358].
[7] رواه مسلم في البر والصلة والآداب، باب: استحباب العفو والتواضع (2588)، من حديث أبي هريرة.
[8] رواه البخاري في الزكاة، باب: اتقوا النار ولو بشق تمرة، والقليل من الصدقة (1417)، ومسلم في الزكاة باب: الحث على الصدقة ولو بشق تمرة أو كلمة (1016) من حديث عدي بن حاتم.
[9] رواه البخاري في الصوم، باب: فضل الصوم (1894)، ومسلم في الصيام، باب: فضل الصيام (1151)، من حديث أبي هريرة.
[10] رواه البخاري في الأدب، باب: قول الله - تعالى -: واجتنبوا قول الزور (6057) من حديث أبي هريرة.
[11] أخرج ابن عبد البر في التمهيد (6/110-111) عن يونس بن يزيد قال: كان ابن شهاب إذا دخل رمضان فإنما هو تلاوة القرآن وإطعام الطعام.
[11] رواه البخاري في الإيمان، باب: تطوع قيام رمضان من الإيمان (37)، ومسلم في صلاة المسافرين وقصرها، باب: الترغيب في قيام رمضان (759) من حديث أبي هريرة.
[12] رواه أحمد (20936)، والترمذي في الصوم، باب: ما جاء في قيام شهر رمضان (806)، وأبو داود في الصلاة، باب: في قيام شهر رمضان (1375)، والنسائي في السهو، باب: ثواب من صلى مع الإمام حتى ينصرف (364)، وابن ماجه في إقامة الصلاة، باب: ما جاء في قيام شهر رمضان (1327)، من حديث أبي ذر الغفاري، قال الترمذي: "حديث حسن صحيح"، وصححه ابن خزيمة (2206)، وابن حبان (2547)، وقال الألباني في الإرواء (447):"إسناده صحيح، رواته كلهم ثقات".
فضائل رمضان
حسين آل الشيخ
الخطبة الأولى:
أما بعد:
فيا أيها المسلمون، اتقوا الله - جل وعلا -، فتقواه مجتمع الخيرات، وسبب نيل البركات، ووسيلة لتفريج الهموم والكربات.
أيها المسلمون، نزل بساحتكم شهر كريم وموسم عظيم، يحمل خيراتٍ عظيمةً، وبركات كثيرة، فيه مضاعفة للحسنات، وتكفير عن السيئات، وإقالة للعثرات، مخصوصٌ بأسمى الصفات وأزكى الدرجات.
إخوة الإسلام، بلوغ هذا الشهر نعمة عظمى، وإدراكه منة كبرى، تستوجب الشكر، وتقتضي اغتنام الفرصة الكبرى، بما يكون سبباً للفوز بدار القرار، والنجاة من النار، يقول الله - جل وعلا -: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183]، ويقول: (الصيام والقرآن يشفعان للعبد، يقول الصيام: أي ربّ، منعته الطعام والشراب فشفعني فيه، ويقول القرآن: أي رب، منعته النوم فشفعني فيه، فيشفعان) حديث صحيح[1].
معاشر المؤمنين، رمضان شهر العفو والرحمة والغفران، يقول: (إذا جاء شهر رمضان، فُتّحت أبواب السماء وفي رواية: - أبواب الجنة، وفي رواية: أبواب الرحمة، وغلّقت أبواب جهنم، وسلسلت الشياطين) أخرجه الشيخان[2].
ويقول كما جاء في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: (من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) متفق عليه[3].
ألا فليكن رمضان فرصةً لنا للنظر في الأحوال، والتفكر في الواقع، لنصلح ما فسد، ونعالج ما اختلّ.
لِيكن هذا الشهر انطلاقةَ خير نحو مستقبل مشرق، ونقطةَ تحوّل إلى أحسن الأحوال، وأقوم الأقوال والأفعال.
أمة الإسلام، في تقلّب الأيام معتبر، وفي انصرام الأوقات مزدجر، وفي قراءة صفحات التأريخ أعظم مدّكر، يمرّ بنا رمضان فتعود بنا الذكريات الخالدة إلى تذكر النصر في معركة بدر، وفتح مكّة، نصرٌ وظفر، فوز وعزّ وتمكين، وكم يذكرنا رمضان بانتصارات للمسلمين، وبطولات للمؤمنين، وما معركة اليرموك عنا بغائبة، ولا القادسية بمنسية، ألا فلتعلم الأمة أن أولئك الأخيار ما حققوا العزة والنصر، ولا نالوا السعادة والتمكين، إلا بسبب تمسكهم بالإسلام، حكماً وتحاكماً، منهجاً وسلوكاً، توحيدٌ خالصٌ لرب العالمين، وعزةٌ وشموخٌ بهذا الدين.
ألا فلتعلم الأمة اليوم، وهي تعيش مصائب شتى، ونكبات لا تحصى، ذلةٌ وهوان، وضعفٌ وخذلان، لتعلم علماً يقينياً أنه لا نجاة لها مما هي فيه إلا برجعة صادقة إلى الله - جل وعلا -، وبالتزام حقيقي بمنهج رسوله، فذلكم هو قاعدة الإصلاح، وأصل العزة والفلاح، وأساس النصر والنجاح، ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.
إخوة الإيمان، شهر رمضان شهر الجود والكرم، والسماح والندى، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: كان النبي أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان جبريل - عليه السلام - يلقاه كل ليلة في رمضان حتى ينسلخ، يعرض عليه النبي القرآن، فإذا لقيه جبريل - عليه السلام - كان أجود بالخير من الريح المرسلة متفق عليه[4].
والجود عباد الله أنواع متعددة، وأشكال مختلفة، وكل أحد يجود بما استطاع، ومن جاد على عباد الله جاد الله عليه بالفضل والعطاء.
ألا وإن من أبرز خصال الكرم، وأنبل أنواع الجود، الإحسان إلى العباد وإيصال النفع إليهم بكل طريق، من إطعام جائع، وقضاء حاجة، وإعانة محتاج، قال: ((من فطّر صائماً كان له مثل أجره، من غير أن ينقص من أجر الصائم شيئاً)) رواه الترمذي وابن ماجه[5].